أعلن جاك دورسي، المؤسس المشارك لمنصة تويتر، عن إطلاق تطبيق جديد يحمل اسم “بت شات” (BitChat)، في خطوة أعادت اسمه إلى واجهة الابتكار الرقمي، وسط تساؤلات حول ما إذا كان هذا التطبيق قد يشكل مستقبلًا بديلاً لوسائل التواصل التقليدية مثل واتساب.
التطبيق الذي يتوافر حاليًا في نسخة تجريبية مفتوحة المصدر، يعتمد على تقنية البلوتوث المتشابك لإرسال الرسائل بين الهواتف لمسافة تصل إلى 300 متر، دون الحاجة إلى إنترنت أو خوادم مركزية. كما يوفّر تشفيرًا من الطرف إلى الطرف، ويتيح غرف دردشة موضوعية، في محاولة لإعادة إحياء مفهوم “المحادثة الحرة” بعيدًا عن هيمنة الشركات الكبرى.
خصوصية بلا وسطاء
الفكرة الجوهرية وراء “بت شات” تتمثل في منح المستخدمين حرية تواصل مستقلة، لا تخضع لرقابة الشركات أو الحكومات. فالرسائل تنتقل بين الأجهزة بشكل مباشر عبر البلوتوث، وتُخزّن مؤقتًا في ذاكرة الهاتف قبل أن تختفي تمامًا. هذا النهج يعيد إلى الأذهان غرف الدردشة القديمة مثل IRC، لكن مع طبقة إضافية من التشفير الذي يحمي المحادثات من التطفل.
مشاهد افتراضية.. وحلول واقعية؟
تطبيق “بت شات” قد يجد مكانه في مواقف تكون فيها الشبكة منهارة أو مقطوعة، مثل الملاعب المزدحمة، المخيمات الإنسانية، أو حتى المدن التي تشهد اضطرابات سياسية. في مثل هذه الظروف، يصبح الهاتف الذكي وسيلة عاجزة عن أبسط أشكال الاتصال، وهو ما يسعى التطبيق الجديد لمعالجته.
مخاطر وتحديات أمنية
ورغم ما يحمله من وعود، لم يُخفِ دورسي التحذيرات المرتبطة بالتطبيق. فقد أقرّ بأن “بت شات” لم يخضع بعد لمراجعة أمنية شاملة، مما يفتح الباب أمام ثغرات محتملة. ومن أبرز المخاطر التي أثيرت:
- انتحال الهوية: إمكانية دخول طرف خبيث إلى غرفة دردشة باسم صديقك وقراءة رسائلك.
- سوء الاستخدام: استغلال التطبيق من قبل مجموعات إجرامية مثل المهربين لتنسيق عملياتهم بعيدًا عن أعين السلطات.
- ثغرات تقنية: مثل احتمالية وجود أخطاء برمجية من نوع “Buffer Overflow” قد تحول الهاتف نفسه إلى أداة تجسس.
تجارب سابقة ومقارنة
محاولات مماثلة ظهرت في الماضي، أبرزها تطبيق “فاير تشات” الذي استخدم خلال احتجاجات هونغ كونغ عام 2014 قبل أن يغلق بعد اختراق تشفيره، و**”بريير”** الذي وفر أمانًا أفضل للصحفيين والنشطاء لكنه ظل محدود الانتشار بسبب صعوبة استخدامه. غير أن ما يميز “بت شات”، بحسب المراقبين، هو التوقيت والسياق، إذ يأتي في زمن تتزايد فيه المخاوف بشأن الخصوصية الرقمية.
آفاق مفتوحة
إلى جانب وظيفة المراسلة، يلمح بعض المتابعين إلى أن اسم “بت شات” قد يرتبط مستقبلًا بدمج المدفوعات الرقمية عبر الشبكات المحلية، خصوصًا مع اهتمام دورسي المعروف بالعملات المشفرة. غير أن مصير التطبيق سيبقى مرهونًا بقدرته على تحقيق معادلة صعبة: توفير الأمان مع الحفاظ على الحرية والخصوصية.
وبين الحماس للتجربة الجديدة والتحذيرات من مخاطرها، يفتح “بت شات” بابًا جديدًا في عالم الاتصالات الرقمية، قد يغيّر شكل التواصل الإنساني في السنوات القادمة، أو يلحق بسابقيه الذين سقطوا أمام تحديات الأمن والانتشار.