قانون جديد في الدنمارك يجرّم سرقة الملامح والصوت ويحمي الهوية الرقمية

في خطوة وُصفت بأنها سابقة على المستوى الأوروبي، أعلنت الدنمارك عن قانون جديد يجرّم سرقة الملامح والصوت باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويمنح المواطنين حقوقًا قانونية غير مسبوقة لحماية هويتهم الرقمية. يأتي ذلك في وقت يتزايد فيه القلق من انتشار ظاهرة التزييف العميق (Deepfake)، وما تطرحه من مخاطر على الخصوصية والأمن الرقمي.

القانون الذي صادقت عليه كوبنهاغن يربط ملامح الوجه وبصمات الأفراد البيولوجية بحقوق الملكية الفكرية، بحيث يصبح كل مواطن دنماركي مالكًا قانونيًا لصورته وصوته وهيئته. ولا يحق لأي طرف ثالث استخدام هذه العناصر دون موافقته الصريحة، وإلا عُرّض للمساءلة بعقوبات تصل إلى السجن والغرامات المالية. كما يمنح التشريع الأفراد الحق في مطالبة المنصات الرقمية بحذف أي محتوى مزيف يظهر فيه صوتهم أو صورتهم، مع فرض غرامات باهظة على المنصات التي تتقاعس عن الاستجابة.

وزير الثقافة الدنماركي جاكيب إيجلشمت عبّر عن جوهر القضية، محذرًا من مستقبل قد يُستغل فيه الأفراد عبر نسخ رقمية تُنتَج بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي لأغراض مختلفة، بعضها قد يكون ابتزازيًا أو احتياليًا. وأكد أن القانون الجديد يمنح المواطنين أداة عملية للدفاع عن هويتهم الرقمية وكرامتهم الشخصية.

مع ذلك، استثنى القانون بعض الحالات التي تدخل ضمن حرية التعبير والإبداع، مثل الأعمال الفنية أو الساخرة أو النقدية المشروعة، شريطة توافقها مع القوانين الأوروبية.

تأتي هذه الخطوة في وقت كشفت فيه دراسة حديثة لشركة ماكافي أن أكثر من 70% من المستجوبين حول العالم لا يثقون بقدرتهم على التمييز بين المواد المزيفة والحقيقية. وتشير البيانات إلى أنه في عام واحد فقط، جرى تداول ما لا يقل عن نصف مليون فيديو وتسجيل صوتي مزيف على منصات التواصل الاجتماعي، بزيادة بلغت عشرة أضعاف عن العام السابق، وغالبها كان بهدف الابتزاز والاحتيال.

بالمقارنة، اقتصرت معظم الإجراءات في الدول الغربية والآسيوية على تجريم نشر المقاطع الإباحية المزيفة، أو إلزام المنصات بحذفها خلال 48 ساعة، من دون الاعتراف القانوني بحق الأفراد في امتلاك ملامحهم وصوتهم كجزء من حقوقهم البيولوجية.

وتأمل كوبنهاغن أن يشكل هذا القانون نموذجًا أوروبيًا ودوليًا، خصوصًا مع استعدادها لترؤس مجلس الاتحاد الأوروبي قريبًا، حيث تسعى إلى الدفع نحو تشريعات مماثلة عبر القارة. ويرى مراقبون أن هذا التحول من اعتبار التزييف العميق مجرد مسألة أخلاقية إلى التعامل معه كاعتداء على الملكية الفردية، قد يمثل نقطة تحول في معركة حماية الهوية في العصر الرقمي.

أخر الأخبار